رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

اتحاد حضارات الشرق الأدنى القديم

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لعبت منطقة الشرق الأدنى القديم دوراً محورياً في نشأة الحضارة البشرية وتطورها. حيث قدمت للإنسانية الكتابة والدين، والفن، والزراعة، والصناعة، والفكر الفلسفي.. إلخ. وتتضح أهمية هذا الاتحاد في أنه يجمع العلماء الذين يهتمون بتخصصات آثار وحضارات هذه المنطقة والعلاقات القديمة التى عرفتها حضاراتها، والتي كانت مهبطاً للديانات السماوية ومركزاً أساسياً للحضارة الإنسانية في وعاء يمثل مجموعة جغرافية لها خصائص متشابهة أحياناً ومتنوعة أحياناً أخرى، وجعلها تجمعاً جغرافياً مهماً ومنبعاً لأصول الحضارات ومركزاً للإشعاع الأول والرئيس للحضارة الإنسانية، الذي خطت منه البشرية الخطوات الحضارية الأولى منذ عصوره الحجرية، صنعت خلالها المفاهيم والمقدمات لنشأة الحضارات، ثم تبعتها الاختراعات والتجارب التي جعلتها تسبق كل الحضارات وجعلتها تحتل مكانة مرموقة في الفكر البشري، وحباها الله سبحانه وتعالى بمكانتها كمهبط للأديان والعلوم، حتى أصبحت نبعاً للدراسات الأثرية. يضاف إلى هذا مؤثرات هذه الحضارات على العلوم. وأصبحت أهميتها تجعلها سبباً لتعارف المعاهد العلمية على مسماها الأكاديمي وهو "الشرق الأدنى القديم".
وقد كانت الجزيرة العربية بمثابة القلب من جسد هذه الحضارة الإنسانية الخالدة. سواء بكونها المخزن البشري الذي انطلقت منه الهجرات السامية إلى بقية مناطق الشرق القديم، أو بكونها مهداً للكثير من المظاهر الحضارية والدينية التي يصعب التطرق لها في ثنايا هذا المقال. وعلى الرغم من الاعتراف العالمي بهذه المنطقة المهمة من العالم وإرثها الحضاري إلا أن هذه الحضارات الخالدة قد افتقرت إلى وعاء علمي وبحثي يحتويها ويقدمها للعالم بالشكل اللائق. حتى قيض الله مؤخراً لهذه الحضارات ثلة من العلماء العرب الذين أسسوا اتحادهم الأول من نوعه وهو اتحاد حضارات الشرق الأدنى القديم، وتسجيله كمنظمة بحثية في الولايات المتحدة الأميركية تأكيداً على عالمية هذه الحضارات. يضم هذا الاتحاد العديد من العلماء المتخصصين على مستوى العالم. ويرأسه الأستاذ الدكتور محمود عمر سليم أستاذ حضارات الشرق الأدنى القديم، وقد شرفني الزملاء أن أكون نائباً له، بالإضافة إلى العديد من الزملاء كالأستاذ الدكتور قيس الجنابي والأستاذ الدكتور يعقوب أيوب والأستاذ الدكتور عامر الأحرش وغيرهم.
وفي الوقت الذي تحاول بعض الأصوات إلصاق تهم التطرف والإرهاب بهذه المنطقة وشعويها، سيعمل هذا الاتحاد بإذن الله على عكس صورة التسامح، والتعايش الحضاري، وقبول الآخر في هذا النطاق الحضاري الفسيح. مما سيعزز لدى الجيل الجديد أهمية هذه القيم التاريخية التي حملها أجداده وقدموها للعالم. وسيكون بإذن الله للجزيرة العربية، كغيرها من بقية مناطق الشرق القديم، حضوراً يوازي أهميتها ومقوماتها الحضارية، وهو الحضور الذي تحرص رؤية المملكة 2030 على تأكيده وتعزيزه.
نقلا عن الرياض

arrow up